إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 11 أكتوبر 2013

في يوم ميلادي الحادي والعشرون



عزيزي الموت أكتب إليك رسالتي الأولي وربما الأخيرة .. ها أنا قد بلغت الحادي والعشرون من العمر واليوم هو يوم ميلادي يوم الإثنين الثالث والعشرون من سبتمبر عام ألفين وثلاثة عشر ولقد أتيت إلي هذا العالم في يوم الخميس في الساعة الواحدة صباحا لعام ألف وتسعمائة وتسعين واثنتين .. وياليتني لما أئتي ولكن الأمر لم يكن بيدي..أشعر بأنني أعيش منذ زمن طويل وعمري يتجاوز المائة عام برغم صغر سني ولكن ليس العمر وحده هو من يجعلنا نكبر في السن .. ثمة أشياء في حياتنا تجعل ملامحنا تبدو أكبر من عمرنا مثل الحزن بينما ثمة أشياء أخري في حياتنا تجعلنا نشعر أننا لا نريد أن نبقي أكثر من ذلك علي وجه هذه الأرض.. " مشاكلنا " .. مشاكلنا التي تحيط بنا من كل جانب مشاكلنا التي تسكن معنا والتي إذا إستطعنا حل مشكلة منها لا نلبث قليلا إلا إذا وجدنا مشكلة أخري تطرق باب حياتنا من جديد..
هم يقولون أنه يوجد حل لكل مشكلة وأنا أقول لهم ثمة مشكلات في حياتنا لا يوجد لها حلول !! .. "أقاربنا " .. أقاربنا الذين دائما تجد منهم المثبط لهممك والآخر الذي لا يتحدث عنك إلا بكل سؤء والآخر الذي لا يتمني لك إلا كل ما هو شر في هذه الحياة  ولولا صلة الرحم حقا لما كنا جلسنا معهم .. "أصدقائنا "  .. أصدقائنا الذين كنا نظن يوما أنهم سيمكثون معنا لآخر عمرنا ولكنهم خذلونا وتركونا في أحلك أيام حياتنا .. لم أعد أعلم من المصيب منا ومن المخطئ ولكن ما أعلمه جيدا أنهم حينما إحتاجوني وجدوني وحينما إحتجت إليهم أنا لم أجدهم .. هذه ما يسمي في مدرسة  الحياة  بالندالة .. بينما أنا تعلمت في المدرسة الإبتدائية أن الصديق وقت الشدة وقد وقفت معهم في شدتهم ولكن حينما إحتجت إليهم تخلوعني وتركوني وحيدا .. علي ما يبدو لي أنه يوجد فرق شاسع بين مدرستي ومدرسة الحياة ..  "حبيبتي " .. حبيبتي التي لا أري الحياة إلا وأنا معها .. حبيبتي التي طالما تمنيت أن تكون أما لأولادي .. تمنيت أن تشاركني فرحي وحزني  تمنيت أن تشاركني في بناء مستقبلي ولكن لا تؤخد الدنيا بالتمني .   لقد إفترقنا منذ فترة من الزمن .. دائما ما يكون القدر عائق في حياة إثنين أحبا بعضهما .. لقد إفترقنا ومنذ حينها وأنا لا أعرف عنها شيئا .. لا أعرف إن كانت سعيدة أم حزينة .. تضحك أم تبكي . أمسك بهاتفي كل ليلة وأنظر إلي إسمها ورسائلنا القديمة .. أريد الإطمئنان عليها ولكن كرامتي تمنعني من الإتصال بها والسؤال عن حالها ..  ثمة أشياء في حياتنا نريد أن نصل إليها ولكن كرامتنا تمنعنا .. حبيب فارقته تريد أن تحيي حبه في قلبك من جديد .. صديق مخلص أخطأت في حقه ولكن كرامتك تمنعك من الإعتذار له ..  كرامتنا تؤلمنا في بعض الأحيان بسبب ما تسببه لنا من شقاء ... نعلم أننا لا نستطيع العيش بدونهم ولكننا نكابر ونوهم أنفسنا بحقيقة زائفة ألا وهي أننا يمكننا الوصول يوما إلي أحلامنا بدون أناس أحببناهم يقفو بجانبنا !

حبيبتي التي ظننت إنها ستنسي كل شئ حدث بيننا وتأتي لكي تهنئني بيوم ميلادي  ولكن قد خاب ظني .. لقد إنتظرت طوال اليوم بشغف في إنتظار أن تهاتفني أو علي الأقل أن ترسل لي رسالة ما .. ما أصعب الإنتظار في هذه الحياة وما أصعب من أن يخيب ظنك في شخص قد أحببته يوما ما .. لقد ذهبت في هذه الليلة إلي فراشي حزينا والدموع تنجرف من عيني من شدة حزني  .. ما أصعب أن تبكي في يوم ميلادك .. لا تحزن من أجلي يا صديقي فأنا لم أعد أهتم .. أعلم جيدا أن لا شئ فوق هذه الأرض يبقي علي ما هو عليه .. أحبابي ظننت أنهم يحبوني كما أحبهم . فالحبيب هو من يكون له مكان في القلب .. لم أجد لي مكان في قلوبهم فقررت الرحيل ..

  "الوطن  " ..وما أدراك ما الوطن .. الوطن الذي طالما حلمنا به وطن يعطي ويأخذ .. الوطن يعطي لأبنائه أفضل ما عنده ولكن وطني أعطانا أسوء ما فيه .. أعطانا جهله ... أعطانا فقره .. أعطانا تخلفه .. وأخذ  أفضل ما فينا .. أخد زهرة شباب بلدنا .. شباب عاهدوا الله علي الحرية والكرامة لهذا الوطن .. لقد خرجوا ليحاربوا الظلم والفساد بكل أشكاله ولكنهم قتلوا بأيادي إخوانهم في الوطن  .. أي وطن هذا الذي يسمح لأبنائه بقتال بعضهما ؟  وطن أصبحنا نقدم له أرواحنا هدايا لكي يعيش والنتيجة أنه مات شبابنا وورثنا التخلف وما زال الوطن صامت ... هل عرفت معني الوطن ؟  الوطن حياة وليس موت .. وطني الحبيب يوجعني بضراوة  ...

" ذنوبي "  وما أدراكم بذبوني .. ذنوبي التي قد بلغت عنان السماء .. ذنوبي التي كفيلة بأن تجعلني أخلد في النار لمائة عام .. لقد إقترفت من الذنوب ما يجعل ملائكة النار تتلذذ بعذابي لفترة ليست بقصيرة .. أعلم أنهم سيكونوا سعداء في التلذذ بعذابي ولكن لا بأس أن أعاقب علي ذنوب حمقاء إرتكبتها في حياتي .
 
عزيزي الموت لا أخفي عليك سرا أنني لا أهابك وأتمني حقا أن تأتي لكي تقبض روحي . أنا لا أعلم ما قد كتبه الله لي من عمر ولكنني أشعر بأن عذاب الآخرة سيكون أهون وأخف بكثير من عذاب الدنيا . كل ما قد قصصته لك يؤلمني بحق .. سئمت الحياة كما أنني سئمت الأشخاص الذي عليها .. عزيزي الموت لا تظن أنني ضعيف ولا أقدر علي مواجهة هذه الحياة  ..أعلم جيدا أنني أستطيع محو كل هذا من طريقي بسهولة وأسعى خلف النجاح في هذه الحياة  علاوة علي أن الكثيرين يقولون لي أنني سيكون لي شأن عظيم في المستقبل ولكن دائما ما كنت أتسائل ما فائدة النجاح إذا كنت لا تهوي الحياة ؟

عزيزي قارئ رسالتي دعك من كل هذا ولا تلتفت لما أقول فأنا دائما ما أنظر للحياة بنظرة تشاؤميه . أما النصيحة التي أسديها إليك قبل موتي هي أن  تسع نحو حلمك وأن تتحدي كل العقبات التي تواجهك في طريقك وأعلم أن الله ما بعثك في هذه الحياة إلا لتعمرها .. فعمرها بالأمل والكفاح والنجاح وبرفعة دين الله لكي يباهي الله بك ملائكته في السماء .. أوصيك بالعلم النافع والعمل الخالص والتمسك بكتاب الله كمنهاج لحياتك .. إبتعد عن الأشخاص الذين يحاولون التقليل من شأنك والذين يعملون علي عرقلة طريقك نحو النجاح . فهؤلاء كما قال الإمام الجوزي فيهم  " هؤلاء هم مثل الذبان حولنا يزاحموننا في الأسواق ويغلون علينا الأسعار ويضيعون علينا أوقاتنا ".. أما أنا فعذرا أعلن إنسحابي .. فأنا أخشي الحياة ولا أهاب الموت .. ففي الموت راحة .. ففي الموت حياة .


23/9/2013


هناك 8 تعليقات:

  1. ما أنا مسترجل علي آخري أهو يا دكتور محمد :D .... مش هنسي إنك كنت أول واحد يعلق عندي ع المدونة :)

    ردحذف
  2. كل اللي حكيته دروس , ألمك فيها ما بيساويش حاجة أمام ألمك و ندمك لو ما تعلمت الدرس منها .
    نصائحك بعد قولك أنك متشائم ... اعذرني لكنها مش بتكون مؤثرة وسط كلام حزين و متهالك و متشائم و يائس من الحياة : لما تقول أنك مش عايز الحياة , لا يتفق مع نصيحتك بالإقبال عليها و تعميرها بالعمل !
    حزنك حقيقي , لكن نصائحك لأ
    كلامي قاسي ؟ غضّ نظرك عنو و انساه ... هو قاسي بس صادق .

    ردحذف
    الردود
    1. ممكن يكون كلامك صحيح بس المقصد من النصائح إن الآخرين يكونوا متفائلين بعيداً عن كل حاجة هتقابلهم.. أنما أنا بنحسب من الحياة .. مش عايز أعيش !! ... حضورك شرفني وأتشرف دائما بتعليقاتك.

      حذف
    2. يا أيمن يا صحبي , لا يتفق أنك تنسحب من الحياة و تدعو الناس للإقبال عليها ... بغض النظر عن الظروف...بغض النظر عن الأشخاص .. بغض النظر عن أي شيء ...
      ما يصحش تخرج من وسط حفلة متدايق و تشوف ناس ع الباب يسألوك : هاه ؟ تقولهم : خشو احضروها .. أصلها حلوة فشخ !
      هيبصولك بصة خنفشارية من فوق لتحت و من تحت لفوق , و هيسألوك : أمال حضرتك خارج منها ليييييييييييييه ؟
      ==========
      بيس ؟

      حذف
    3. لا مش بيس وكويس إن جبت الحفلة كمثال .. أنا مش عايز أقعد في الحفلة جوها مش عاجبني بس بدعو الناس إنهم يحضروها :)

      حذف
    4. أوك يا طارق .. وشكراً ع مرورك مرة تانية :)

      حذف