إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 24 نوفمبر 2013

عن فقدان الأحلام


 من الطبيعي أن لكل منا حلم يفكر فيه ليلاً ونهاراً.. يسعي من أجل تحقيقه .. يراوده في منامه .. يتنفس به .. يحبه لدرجة الجنون .. لا يكف عن التفكير به ..  يحلم باليوم الذي يأتي فيه ويراه يتحقق أمام عينيه.

والأحلام تختلف من شخص إلي آخر ومن وقت إلي وقت وبمجرد تحقيق الحلم لا يلبث المرء قليلاً إلا وسعي وراء حلم آخر.. فهذا  التلميذ يحلم بأن يصبح مهندساً في يوم من الأيام .. وهذا الطالب يحلم بأن يصبح مدير لشركة كبيرة. وهذه الطالبة تحلم بأن يأتيها زوجها في يوم زفافها ممتطياً جواداً أبيض.. وهذا الرجل يحلم بزيادة مرتبه الشهري الذي لا يكفيه هو أسرته .. كما أن المرضي يحلمون .هل المريض يحلم ؟. نعم وأحلامهم ربما تكون أبسط بكثير من أحلامنا. المرضي يحلمون بالشفاء !! هل رأيت حلماً أبسط من ذلك !

أما أنا فمنذ ثلاث سنوات وأنا أحلم بالسفر إلي ألمانيا نظراً لدراستي للغة الألمانية في كلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر بعد أن علمت من مديري القسم أن الخمسة الأوائل في السنة الثالثة  سوف يحصلون علي منحة للدراسة في ألمانيا لمدة شهر. ربما يكون حلمي في نظر البعض حلم من المستحيل تحقيقه.. دعك منهم فأنا دائما ما أحب أن أحلم بالمستحيل !! كما أنه لا يوجد شئ إسمه مستحيل في هذه الحياة ولكن يوجد أناس إستسلموا للصعاب والعقبات التي تواجههم في طريقهم ولم يلثبوا قليلاً إلا أن رفعو الراية البيضاء معلنين إستسلامهم للظروف المحيطة بهم.. أما أنا فدائما ما كان الحلم بالمستحيل يزيدني إصراراً وقوة !! وكما تقول الحكمة الشهيرة " علي المرء أن يسعي وليس عليه إدراك النجاح " .. والمرء هنا مأجور بإذن الله علي سعيه .. يقول الله سبحانه وتعالي في كتابه " ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران سعيه وإنه له لكاتبون "  ويقول أيضاً " إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا " وغير ذلك من الآيات الكثيرة التي تدل علي أن سعيك لن يضيعه الله وأنت مأجور به بإذن الله .

سعيت وبذلت قصاري جهدي من أجل تحقيق حلمي وبالفعل نجحت في أن أحصل علي المركز الخامس بين زملائي لثلاث سنوات متتالية .. لقد فرحت فرحاً شديداً.. وفرح والداي أيضاً .. في الحقيقة أن لم أفرح لذاتي ولكن فرحت لفرح أبي وأمي .. فالفضل ينسب إلي الله ثم إليهما في المقام الثاني ..شئ ما يضفي للقلب بهجة حينما تكون سبب في إبتسامة وجلب الفرحة لوالديك !! .. فأنا أحب أن أراهم دوما سعداء .. اللهم أجعلني سبباً في سعادة أبي وأمي !!


ما أسعدني أكثر أنني قد إستطعت تحقيق ما وعدت به حبيبتي .. نعم حبيتي وما أجملها من حبيبة ! .. لقد أوصتني قبل فراقنا ألا أفرط في حلمي وإن حلمي خلق لكي يتحقق ليس لكي يصبح حلماً .. نعم فالأحلام خلقت لكي نحققها نحن وإن لم تتحقق فهي لم تعد أحلامناً بعد !! .. لم نعد نستحقها !!  ..


كما قالت لي " يا أيمن عايزاك لما تسافر ألمانيا تجبلي شيكولاته"   حينها إندهشت وقلت في نفسي " ما هذا الطلب الغريب " . هل أنا سأذهب لألمانيا لكي أجلب لها الشيكولاته .. هذه بالطبع فتاة مجنونة وتتدلل عليً .. أنا سأذهب لكي أتعلم .. لابد من عدم الإستجابة لمطلبها !! .. في الحقيقة كنت أريد أن أجلب لها ما هو أغلي من الشيكولاته .. كنت أريد أن أحضر لها شبكة الجواز مثلاً :D.. وبعد عودتي من ألمانيا أذهب إلي بيتها وأقف عنده كما يفعل بعض أبطال الأفلام وأنادي بأعلي صوتي عليها وأوقظ جيرانها ..وحينما تطل من شرفتها أنحني علي ركبتي وأقول لها " تتجوزيني " . يا الله !! .ما هذا الخيال .. أنا دائما ما أحب أن أذهب بخيالي إلي أبعد الحدود .. سيكون مشهد رومانسي للغاية !!


رددت لذاتي :  أنا لا أحب الشيكولاته .. ولكن لابد أن أحضر لها الشيكولاته والإ ستظن أنني بخيل  .. أنا لا أحب الشيكولاته ولكن أحب من يأكل  الشوكولاته .. نعم أحبها لدرجة كبيرة كما أن صورتها لا تفارق خيالي ..  لقد وقعت في حب فتاة تعشق الشيكولاته !!    .. يا للكارثة !! .. يبدو أنني سأنفق كل أموالي في شراء الشيكولاته من أجل حبيبتي! سأغدو مفلساً !


بدأ العام الدراسي وأنا أنتظر بفارغ الصبر أن يتم إستدعائي أنا وإثنين من زملائي للبدء في إتخاذ إجراءات السفر لألمانيا ولكن منذ يومين أثناء إحدي محاضراتنا قام أحد أستاذتي بإستدعاء إثنين فقط .. حينها علمت أن الله لما يشئ لي السفر لألمانيا .. حينها كان يجلس بجاني صديق يدعي هشام وكتب بالألمانية في كراسته " Sag : Allah Sei Dank " وهي عبارة تعني بالألمانية " قل الحمد لله " .. يبدو أنني أثرت شفقة صديقي ! .. لقد كانت أول كلمة أرددها لذاتي " الحمد لله " وأثناء المحاضرة كان جميع أصحابي ينظرون إلي بين الحين والآخر يترقبون ردود أفعالي ولكنني كنت أبدو ثابتاً لدرجة كبيرة وأظهرت لهم عدم اللامبالاة بما حدث وأنني لا أكترث لهذا الأمر .. بعد الإنتهاء من المحاضرة وجدتهم يلتفون حولي وأخذوا يرددون لي بعض الكلمات للشد من أزري وكنت أقابلهم بالإبتسامة وبقول الحمد لله.


في الحقيقة كنت أود أن أصرخ في وجوههم جميعاً وأأمرهم بالإبتعاد عني في هذه اللحظة .. لقد كنت حزين للغاية .. لا أتصور ما حدث .. وكأن جبل إنهدم فوق رأسي والدنيا طبقت فوق صدري  .. تبخر حلمي وأصبح ليس له معني .. نعم رضيت بقضاء الله ولكني كنت أكاد أن أجن وأتسائل ؟ .. هل أنا أستحق ذلك ؟ .هل أنا حقاً تكاسلت عن أداء مهمتي تجاه حلمي ؟  أليس من حقي أن أفرح ؟ .. هل حقاً يوجد من هو أحق مني بالسفر إلي ألمانيا أم أنه قدر الله !! .. أسئلة كثيرة دارت في عقلي ولكنني لم أجد لها إجابة .. لما فعلت ذلك يا الله ؟ ..رددتها لذاتي .أعلم أن في كل شئ يفعله الله حكمة ولكنني آن ذاك الوقت لم يمكنني التحكم في ذهني وما كان يدور فيه من أسئلة.. حينها تذكرت مقولة إبراهيم نصرالله في كتابه أعراس آمنة حينما قال " كان يلزمنا قلوب أكبر كي تتسع كل هذا الأسي "

كنت أريد حينها أن أبكي بشدة  .. بالطبع ليس هناك أكثر إيلاماً من أن تري حلمك يتبخر أمام عينيك ولكنني قرأت يوماً أن الدموع ليست هي الحزن ولكن الحزن هو أن تمنع نفسك من أن تنزرف الدموع من عينيك.. ها أنا قد رضيت بقضاء الله بعدما فقدت حلمي وفقدت الفتاة التي أحببتها ولكنها تظل هي أجمل خيباتي .. نعم ستظل هي أجمل ما فقدت في هذه الحياة !!

المقولة التي في الصورة هي للكاتبة أحلام مستغانمي من كتاب ذاكرة الجسد.





هناك 7 تعليقات:

  1. احببت فيك سعيك الى هدفك ولكن لاتكن مثلى حينما فقدت اغلى هدف عشت من اجله اكثر من اربع سنوات تركت الحياه تأخذنى حيث تريد وهي لا تحسن صنيعا بأحد يترك نفسه لها .. انت ترانى الان .. كنت متفوقا فى مجالى الاخر .. استطعت ان اجد نفسى فى ذلك العالم الاحر الذى لطالما عملت من اجله واردت ان اكوون بين اروقته .. ولكن اين انا الان بعد يأسى .. استطيع فعل اى شئ لكن بدخول اليأس الى قلبى جعلنى لست بانسان .. اتمنى ان اجد نفسى ثانيه واخذها من الدنيا بعد ان تركتها لها ..
    كن كما انت واستمر .. فحلمك ملك لك ولاتتنازل عما تملكه ولا تفعل مثل الجهال وانا منهم يوقفون الحياه عند محطة ولا يعلمون ان طريقهم لم ينتهى بعد لكى يتوقفوا .. اكمل طريقك .. دافع عن نفسك ..
    كل المفروض مرفوض .. اثبت للعالم انك موجود

    ردحذف
    الردود
    1. شكراً ليك يا وليد والحمد لله علي كل شئ .. ربنا إن شاء الله هيكرمك :)

      حذف
  2. ربنا يعوضك خير يا أيمن (و عسي أن تكرهوا شيئاً و هو خيراً لكم ) , أكيد ربنا شايلك حاجة أكبر و فرحة أكبر.

    ردحذف
    الردود
    1. إن شاء الله خير يا آلاء.. شكراً ليكي

      حذف
  3. جميل ان يكون للمرء احلام ... جميل ان تلامس احلامك النجوم ... ان تبني حياتك على احلام ليس ضعفا .. الضعف ان تهجرها لحظة قهر ... قد نتعثر في طريقنا ... او قد تكون احلامنا غريبة ... ولكن لا يجب ان نيأس ابدا ... تابع https://m.facebook.com/profile.php?v=timeline&id=643109859117723&_rdr
    صفحتي ان شاء الله تعجبكم

    ردحذف
  4. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  5. كيف حالك يا أيها الأستاذ الدكتور/ أيمن
    نعم أراك في يوم من الأيام عظيماً أمام الناس كما أنت اليوم عظيماً في نظري
    أخي الحبيب أنا طبيب بشري ومختص في الأبحاث الطبية الوقائية وسافرت إلى دول أوروبية وعربية عديدة كمحاضر في تخصصي ويصنفونني خبيرا دوليا في مجالي، إلا أن بداية حياتي كانت مليئة بالظلم الذي كان يقع علي كلما أتقنت وتميزت كنت أجد غيري يكافأون ويميزون إلا أن الله أعد لي سترا فيما مضى عن حسد العيون ليجبر بعد ذلك قلبي برضا أتبعه توفيق هائل من رب العباد
    أخي الحبيب أيمن في مسألة عدم تحقق الحلم أو عدم إدراك النجاح في أي شئ فإنني أزعم أن أمور المرء في حياته بين ثلاثة أوجه:
    oالأول: جمع بين أسباب داخل وخارج الشخص: الحل هنا يكمن في التشخيص السليم لأسباب المشكلة وإذا عرف السبب بطل العجب، ولكن تظل المشكلة أننا في أغلب الأحيان لا نكون صرحاء حتى مع أنفسنا في تحميلها ما تستحق من الأسباب ونرفض فكرة نقد الذات ولنتذكر مقولة سيدنا عمر بن الخطاب: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ "يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ" سورة الحاقة آية 18 .
    O الحالة الثانية: المشكلة داخلية حيث أن عدم اتخاذ كافة الأسباب الكافية مثل دراسات الجدوى السليمة التامة يؤدي إلى فقدان العمل قيمته أحياناً كثيرة ولنعتبر من قصة الهجرة ومن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام سنجد فيها الكثير مما يعظم دور الأخذ الدقيق بالأسباب ثم الرضا بما يقسمه رب الأرباب
    o الحالة الثالثة: السبب هنا قدري لا يناسبه غير الرضا والدعاء، وذلك لأن تضييع الوقت في التحسر بعد أن يتقن الشخص أخذه بالأسباب هو سخط على القدر لكن هناك حكمة إلهية خفية لا يعلهما إلا الله وهكذا نردد دوما كما ذكرت في خاطرتك "على المرء أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح"

    لكني أقول لك شيئا هاما لا تربط أحلامك ببعضها ولا تجعل ضياع حلم لك سببا في ضياع حلم آخر، الأحلام ليست كالسلم في جميع الأحيان، لكن تفكيرنا هو ما يجعلنا نرتبها تصادعدياً هكذا .
    وتذكر أن محمد الفاتح الذي فتح قسطنطينية بدأ حلمه بعدما حكت له أمه أن هناك بشرى أن قسطنطينية ستفتح فقال أنا محمد الفاتح وهو طفل وعاش في حلمه ولم يثنه عنه كل تقلبات الحياة التي توحي أحيانا أنه خارج الدرب المؤدي لتحقيق الحلم
    كذلك عباس ابن فرناس الذي كان حلمه سببا في تحقيق حلم البشرية كلها في التحليق عالياً بالرغم من أن البعض يظن أنه فشل ظاهريا لكن النجاح الحقيقي للفكرة أنه بنهاية المطاف كان حلمه إلهاما لأحلام الآخرين التي تحققت فصار النجاح النهائي لصاحب الحلم الأول نصيب فيه
    الغاية من كلامي أن الإنسان يحب أشياء ربما لا تأته ولكن يقدر الله له ما هو أعظم وأنفع.
    موفق بإذن الله .. عش بنفس الطاقة الهائلة التي كنت تسعى بها لحلمك. . اصنع حلماً جديدا أكبر من سابقه .. اتجه صوب حلمك .. ثق في الله وارض به .. ستصل يوماً إلى أبعد ما كنت تتخيل .. وإن كان حلمك الثاني من نصيبك سيأتيك سالكا كل مسالك القدر وإن لم يك كذلك سيرضيك الله إذا رضيت بخير منه.

    ردحذف